كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال القونوي‏:‏ قوله في الحديث يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان إلخ‏:‏ كناية عن أرواح صور الحروف والكلمات، فإنه قد ثبت شرعاً وكشفاً أن ما ثم صورة إلا ولها روح فتارة تخفى آثار الروح في الصورة بالنسبة لأكثر الناس، وتارة تظهر بشرط تأييد روح تلك الصورة بمدد يتصل من روح آخر وصور الأعمال والأقوال أعراض لا ترتفع ولا تبقى إلا بأرواحها المصاحبة لها والمتأيدة بأرواح العمال ونياتهم ومتعلقات هممهم التابعة لعلومهم واعتقاداتهم الصحيحة المطابقة لما الأمر عليه وللحروف والكلمات من حيث أفرادها ومن حيث تركيبها خواص تظهر من أرواحها بواسطة صورها تلفظ وكناية شهد بذلك الأولياء عن شهود محقق وتجربة مكررة‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي‏.‏

1338 - ‏(‏اقرأوا القرآن واعملوا به‏)‏ بامتثال أمره وتجنب نهيه ‏(‏ولا تجفوا عنه‏)‏ أي لا تبعدوا عن تلاوته ‏(‏ولا تغلوا فيه‏)‏ تجاوزوا حده من حيث لفظه أو معناه بأن تتأولوه بباطل، أو المراد لا تبذلوا جهدكم في قراءته وتتركوا غيره من العبادات، فالجفاء عنه التقصير، والغلو التعمق فيه، وكلاهما شنيع، وقد أمر اللّه بالتوسط في الأمور فقال ‏{‏لم يسرفوا ولم يقتّروا‏}‏ ‏(‏ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به‏)‏ أي لا تجعلوه سبباً للإكثار من الدنيا، ومن الآداب المأمور بها‏:‏ القصد في الأمور وكلا في طرفي قصد الأمور ذميم‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ يريد لا تجفوا عنه بأن تتركوا قراءته وتشتغلوا ‏[‏ص 65‏]‏ بتأويله وتفسيره‏.‏ ولا تغلوا فيه بأن تبذلوا جهدكم في قراءته وتجويده من غير تفكر كما قال في الحديث الآخر لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث‏.‏

- ‏(‏حم ع طب‏)‏ عن ‏(‏عبد الرحمن بن شبل‏)‏ بكسر المعجمة وسكون الموحدة ابن عمرو بن يزيد الأنصاري أحد النقباء فقيه حمصي، قال الهيثمي رجال أحمد ثقات‏.‏ وقال ابن حجر في الفتح سنده قوي‏.‏

1339 - ‏(‏اقرأوا القرآن بلحون العرب‏)‏ أي تطريبها ‏(‏وأصواتها‏)‏ أي ترنماتها الحسنة التي لا يختل معها شيء من الحروف عن مخرجه لأن القرآن لما اشتمل عليه من حسن النظم والتأليف والأسلوب البليغ اللطيف يورث نشاطاً للقارىء لكنه إذا قرىء بالألحان التي تخرجه عن وضعه تضاعف فيه النشاط وزاد به الإنبساط وحنت إليه القلوب القاسية وكشف عن البصائر غشاوة الغاشية ‏(‏وإياكم ولحون أهل الكتابين‏)‏ أي احذروا لحون اليهود والنصارى ‏(‏وأهل الفسق‏)‏ من المسلمين يخرجون القرآن عن موضعه بالتمطيط بحيث يزاد حرف أو ينقص حرف فإنه حرام إجماعاً كما ذكره النووي في التبيان بدليل قوله ‏(‏فإنه‏)‏ أي الشأن ‏(‏سيجيء بعدي قومي يرجعون‏)‏ بالتشديد‏.‏ أي يرددون ‏(‏بالقرآن‏)‏ ومنه ترجيع الأذان وهو تفاوت ضروب الحركات في الصوت وهو المراد بقوله ‏(‏ترجيع الغناء‏)‏ أي أهل الغناء ‏(‏والرهبانية‏)‏ يعني رهبانية النصارى ‏(‏والنوح‏)‏ أي أهل النوح ‏(‏لا يجاوز حناجرهم‏)‏ جمع حنجرة وهي الغلصمة وهي مجرى النفس ‏(‏مفتونة قلوبهم‏)‏ بنحو محبة الشبان والنساء ‏(‏وقلوب من يعجبه شأنهم‏)‏ فإن من أعجبه شأنهم فمآل مصيره منهم‏.‏ وفي البخاري أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قرأ في يوم الفتح - فتح مكة - سورة الفتح فرجع فيها‏.‏ وقال العارف المرسي‏:‏ دخل بعض الصحب على اليهود فسمعهم يقرؤون التوراة فتخشعوا - أي بعض الصحب - فأنزل على المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم‏}‏ فعوتبوا إذ تخشعوا من غيره وهم إنما تخشعوا من التوراة وهي كلام اللّه‏!‏ فما الظن بمن أعرض عن كتابه وتخشع بالملاهي والغناء‏؟‏‏.‏ اهـ‏.‏ وعلم مما تقرر انه لا تلازم بين التلحين المذموم وتحسين الصوت المطلوب وأن التلحين المذموم والأنغام المنهي عنها هو إخراج الحروف عما يجوز له في الأداء كما يصرح به كلام جمهور الأئمة ومنهم الإمام أحمد فإنه سئل عنه في القرآن فمنعه فقيل له‏:‏ لم‏؟‏ فقال‏:‏ ما اسمك‏؟‏ قال‏:‏ محمد، قال‏:‏ أيعجبك أن يقال لك يا محآمّد‏؟‏‏.‏

قال ابن عربي‏:‏ من لم يطربه سماع القرآن بغير ألحان فليس على شيء، وقد كان أؤلئك الرجال لا يقولون بالسماع المقيد بالنغمات لعلو هممهم ويقولون بالسماع المطلق فإنه لا يؤثر فيهم إلا فهم المعاني وهو السماع الروحاني الإلهي وهو سماع الأكابر، والسماع المقيد إنما يؤثر في أصحاب النغم وهو السماع الطبيعي، فإذا ادعى مدّع أنه يسمع في السماع المقيد بالألحان المعنى ويقول لولا المعنى ما تحركت ويدّعي أنه خرج عن حكم الطبيعة في السبب المحرك فيتأمل في أمره‏.‏ وقد رأينا من ادّعى ذلك فكان سريع الفضيحة وذلك أنه إذا حضر مجلس السماع فاجعل بالك منه فإذا سرت الأرواح في الحيوانية فحركت الهياكل حركة دورية بحكم اسستدارة الفلك فالدور مما يدلك على السماع الطبيعي لأن اللطيفة الإنسانية ما هي عن الفلك بل عن الروح المنفوخ فيه وهي متحيزة فوق الفلك فما لها في الجسم تحريك دوري وإنما التحريك للروح الحيواني الذي هو تحت الطبيعي والفلك فإذا دار هذا المدّعي وقفز إلى فوق وغاب عن احساسه فقل له ما حركك إلا حسن النغمة والطيع حكم على حيوانيتك، فلا فرق بينك وبين الجمل في تأثير النغمة فيه فيعز عليه هذا ويقول ما عرفتني فأسكت عنه ساعة ثم خذ معه في الكلام الذي يعطي ذلك المعنى واتل عليه آية من القرآن تتضمن المعنى الذي حرّكه فيأخذ معك فيه ولا يتكلم ولا يأخذه لذلك حال ولا فناء بل يستحسنه ويقول هو معنى جليل فيفتضح فقل ‏[‏ص 66‏]‏ له هذا المعنى هو الذي حرّكك في السماع البارحة بإجابة القوّال في شعره بنغمته فلأي معنى سرى فيك ذاك ولم يسر فيك من سماع كلام الحق بل كنت البارحة يتخبطك الشيطان من المس والسماع الإلهي إذا ورد وارده فعليه في الجسم أن يضجعه لا غير ويغيبه عن احساسه ولا تصدر منه حركة أصلاً، هبه من الكبار والصغار فعلم أن الوارد الطبيعي تحركه الحركة الدورية والهيمان الإلهي يضجعه فقط لأن الإنسان خلق من تراب وقيامه وقعوده يبعده عن أصله الذي نشأ منه، فإذا جاءه الوارد الإلهي وهو صفة القيومية وهي في الإنسان من حيث جسمه بحكم العرض وروحه المدبر هو الذي يقيمه ويقعده فإذا اشتغل الروح المدبر عن تدبيره بما يتلقاه من الوارد الإلهي من العلوم الإلهية لم يبق من للبدن من يحفظ عليه قيامه وقعوده فرجع إلى أصله وهو لصوقه بالأرض فإذا فرغ التلقي وصدر الوارد إلى ربه رجع الروح إلى تدبير جسده وهذا سبب اضطجاع الأنبياء على ظهورهم عند نزول الوحي عليهم، وما سمع من نبي قط انه تخبط عند نزول الوحي‏.‏ ولا اهتزّ ولا دار ولا غاب عن إحساسه، وكذا الوارد الإلهي لا يغيره عن حاله ولا إحساسه‏.‏

- ‏(‏طس هب‏)‏ من حديث بقية عن الحصين الفزاري عن أبي محمد ‏(‏عن حذيفة‏)‏ قال ابن الجوزي في العلل حديث لا يصح وأبو محمد مجهول وبقية يروي عن الضعفاء ويدلسهم أهـ قال الهيثمي فيه راو لم يسم وفي الميزان تفرّد عن أبي حصين بقية وليس بمعتمد والخبر منكر‏.‏ اهـ‏.‏ ومثله في اللسان‏.‏

1340 - ‏(‏اقرأوا القرآن‏)‏ أي ما تيسر منه ‏(‏فإن اللّه تعالى لا يعذب قلباً وعى القرآن‏)‏ أي حفظه وتدبره وعمل بما فيه فمن حفظ ألفاظه وضيع حدوده فهو غير واع له‏.‏ قال سهل‏:‏ علامة حب اللّه حب القرآن، وعلامة حب القرآن حب النبي صلى اللّه عليه وسلم، وعلامة حب النبي حب السنة، وعلامة حبها حب الآخرة، وعلامة حبها بغض الدنيا، وعلامة بغضها أن لا يتناول منها إلا البلغة‏.‏

- ‏(‏تمام‏)‏ في فوائده ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي‏.‏

1341 - ‏(‏اقرأوا القرآن وابتغوا به اللّه تعالى‏)‏ على الكيفية التي يسهل على ألسنتكم النطق بها مع اختلافها فصاحة ولكنة ولثغة بلا تكلف ولا مشقة ولا مبالغة ‏(‏من قبل أن يأتي قوم‏)‏ أي قرون متتالية ‏(‏يقيمونه إقامة القدح‏)‏ بكسر القاف‏:‏ السهم الذي يرمي به ‏(‏يتعجلونه‏)‏ أي يطلبون بقراءته العاجلة من عرض الدنيا والرفعة فيه، ولفظ رواية أحمد يتعجلان أجره ‏(‏ولا يتأجلونه‏)‏ أي لا يريدون به الآجلة وهو جزاء الآخرة، فمن أراد بها الدنيا فهو متعجل وإن ترسل في قراءته، ومن أراد به الآخرة فهو متأجل ومن أسرع في قراءته بعد إعطاء الحروف حقها‏.‏ ومن قال أن المراد يتعجلون العمل بالقرآن ولا يؤخرونه فكأنه لم يتأمل السوق، إذ الخبر مسوق لذم أؤلئك الآتين، وأما إرادة مدحهم فبعيد عن المقام، وهذه معجزة لوقوع ما أخبر به‏.‏

- ‏(‏حم د عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه قال الديلمي وفي الباب سهل بن سعد وأنس‏.‏

1342 - ‏(‏اقرأوا سورة البقرة في بيوتكم‏)‏ أي في أماكنكم التي تسكنوها‏:‏ بيتاً أو خلوة أو خباء أو غيرها ‏(‏ولا تجعلوها قبوراً‏)‏ أي كالمقابر الخالية عن الذكر والقراءة، بل اجعلوا لها نصيباً من الطاعة ‏(‏ومن قرأ سورة البقرة‏)‏ بكاملها أي في أي محل كان أو في بيته وهو ظاهر السياق، لكن لعل المراد الإطلاق ‏(‏توج بتاج‏)‏ أي في القيامة أو في الجنة حقيقة أو توضع عليه علامة الرضا يوم فصل القضاء أو بعد دخولها‏.‏ والتاج ما يصنع للملوك من ذهب وجوهر‏.‏ ‏[‏ص 67‏]‏ قال الطيبي‏:‏ ذكر التاج كناية عن الملك والسيادة كما يقال قعد فلان على السرير كناية عنه

- ‏(‏هب عن الصلصال‏)‏ بمهملتين بينهما لام‏:‏ أبي الغضنفر ‏(‏بن الدهلمس‏)‏ بدال مهملة ثم لام ثم ميم مفتوحات، قال الذهبي‏:‏ صحابي له حديث عجيب المتن والإسناد‏.‏ اهـ‏.‏ وأشار به إلى هذا الحديث ثم أن فيه أيضاً أحمد بن عبيد قال ابن عدي صدوق له مناكير‏.‏

1343 - ‏(‏اقرأوا سورة هود يوم الجمعة‏)‏ فإنها من أفضل سور القرآن فيناسب قراءتها في أفضل أيام الأسبوع‏.‏ قال الغزالي عن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها ولا يفرغ من تدبرها‏.‏

- ‏(‏هب عن كعب‏)‏ الأحبار ‏(‏مرسلاً‏)‏ رمز المصنف لضعفه ولعله من قبيل الرجم بالغيب فقد قال الحافظ ابن حجر حديث مرسل وسنده صحيح هكذا جزم به في أماليه، ثم قال وأخرجه ابن مردويه في التفسير من وجه آخر عن مسلم بن إبراهيم فكأنه ظنّ أنّ كعباً صحابي وليس كذلك، بل كعب الأحبار‏.‏ إلى هنا كلام ذلك الإمام‏.‏ إذا قالت حذامي فصدقوها‏.‏

1344 - ‏(‏اقرأوا على موتاكم‏)‏ أي من شارفه الموت منكم، إذ الميت لا يقرأ عليه ‏(‏يس‏)‏ ليسمعها فيجريها على قلبه لأن الإنسان حينئذ ضعيف القوى والأعضاء ساقط المنعة والقلب أقبل على اللّه بكليته فيقرأ عليه ما يزيده قوة ويشد تصديقه ويقوى يقينه‏:‏ يس مشتملة على أحوال البعث والقيامة وأحوال الأمم وبيان خاتمتهم وإثبات القدر وإن أفعال العباد مستندة إليه تعالى وإثبات التوحيد ونفي الضد والند وإمارات الساعة وبيان الإعادة والحشر والحضور في العرصات والحساب والجزاء والمرجع والمآل بعد الحساب وغير ذلك فبقراءتها يتجدد له ذكر تلك الأحوال ويتنبه على أمهات أصول الدين ويتذكر ما أشرف عليه من أحوال البرزخ والقيامة‏.‏ واخذ ابن الرفعة بظاهر الخبر فصحح أنها تقرأ عليه بعد موته، والأولى الجمع‏.‏ وتمام الحديث كما بينه الديلمي‏:‏ ونزل مع كل آية ثمانون ملكاً واستدل به بعض الحنفية على أن للمرء أن يجعل ثواب عمله لغيره قراءة وصلاة وصدقة وحجاً، قال وخالف المعتزلة وبعض منا، لأن الثواب هو الجنة وليس له جعلها لغيره ولآية ‏{‏وإن ليس للإنسان إلا ما سعى‏}‏ قال ولنا ظاهر الحديث وتضحيته عليه الصلاة والسلام عن أمته وإخباره عن استغفار الملائكة للمؤمنين، وأولت الآية بأنها نسخت بآية ‏{‏ألحقنا بهم ذريتهم‏}‏ وأنها خاصة بقول إبراهيم وموسى، أو المراد الكافر‏.‏ قال ابن الهمام‏:‏ وأولى من النسخ تقييده بما يهبه العامل، أما أولاً فلأنه لم يبطل بعد الإرادة وإما ثانياً فلأنها من قبيل الإخبار ولا نسخ فيها، وما يتوهم من أنه أخبر في شرع أنه لا ثواب لغير عامل ثم جعله لمن بعدهم من أهل شرعنا مرجعه إلى تقييد الأخبار لا النسخ وجعل اللام بمعنى على بعيد‏.‏ أهـ‏:‏ قال بعضهم أعني الحنفية وكون الإنسان يجعل ما وعد به من الثواب لغيره جائز بلا مراء قال ولو دفع الحي أو وارث ميت شيئاً من الدنيا لمن يجعل ذلك له ينبغي أن يصح، وأما جعل ثواب فرضه لغيره فيحتاج إلى نقل‏.‏

- ‏(‏حم د ه‏)‏ في الجنائز ‏(‏حب ك عن معقل‏)‏ بفتح الميم وسكون المهملة وبالقاف ‏(‏بن يسار‏)‏ ضد اليمين المزني قال النووي في الأذكار‏:‏ إسناده ضعيف، فيه مجهولان لكن لم يضعفه أبو داود‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ أعله ابن القطان بالاضطراب وبالوقف وبجهالة حال روايه أبي عثمان وأبيه ويسمى بالنهدي‏.‏ ونقل ابن العربي عن الدارقطني أنه حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن، وقال لا يصح في الباب حديث‏.‏ اهـ، ‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ تتأكد قراءة يس‏.‏ وإذا حضرت موت أحد فأقرأ عنده يس، فقد مرضت وغشي على وعددت من الموتى فرأيت قوماً كرش المطر يريدون أذيتي، ورأيت شخصاً جميلاً طيب الرائحة شديداً دفعهم عني حتى قهرهم فقلت من أنت‏!‏ قال سورة يس فأفقت‏:‏ فإذا بأبي عند رأسي وهو يبكي ويقرأ يس وقد ختمها‏.‏

‏[‏ص 68‏]‏ 1345 - ‏(‏اقرأوا على من لقيتم من أمتي‏)‏ أمة الإجابة لا الدعوة كما هو بين ‏(‏بعدي السلام الأول فالأول إلى يوم القيامة‏)‏ قال الحافظ ابن حجر هذا طرف من حديث أخرجه البزار وابن منيع والحاكم وغيرهم‏.‏ قال البعض يقال في الرد عليه وعليه الصلاة والسلام أو وعليه السلام لأنه رد سلام التحية لا إنشاء السلام المقول فيه بكراهة إفراده‏.‏

- ‏(‏الشيرازي‏)‏ أبو بكر ‏(‏في الألقاب عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال جمعنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بيت ميمونة ونحن ثلاثون رجلاً فودعنا وسلم علينا ودعى لنا ووعظنا وقال اقرأوا فذكره‏.‏

1346 - ‏(‏اقرأني جبريل القرآن على حرف‏)‏ أي لغة أو وجه من الإعراب ‏(‏فراجعته‏)‏ أي فقلت له إن ذلك تضييق قأقرأني إياه على حرفين ‏(‏فلم أزل أستزيده‏)‏ أي أطلب منه أن يطلب لي من اللّه الزيادة على الحرف توسعة وتخفيفاً ويسأل جبريل ربه ويزيده في الحروف ‏(‏فيزيدني‏)‏ حرفاً حرفاً ‏(‏حتى انتهى إلى سبعة أحرف‏)‏ أي سبعة أوجه أو لغات تجوز القراءة بكل منها وليس المراد أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه والإختلاف اختلاف تنوع وتغاير لا تضاد وتنافر وتناقض‏.‏ إذ هو محال في القرآن وذلك يرجع إلى سبعة وذلك إما في الحركات من غير تغيير في المعنى والصورة نحو النحل أو بتغيير في المعنى فقط نحو ‏{‏فتلقى آدم من ربه كلمات‏}‏ وأما في الحروف بتغيير في المعنى لا في الصورة أو عكسه وإما بتغييرهما وإما في التقديم والتأخير نحو ‏{‏فيقتلون ويقتلون‏}‏ أو في الزيادة والنقص نحو أوصى ووصى وفي المراد بالسبعة في هذا الحديث وما أشبهه نحو أربعين قولاً قال البعض أقربها أن المراد سبعة لغات أو سبعة أوجه من المعاني المتفقة وقال الطيبي‏:‏ أصحها أن المراد كيفية النطق بكلماتها من إدغام وإظهار وتفخيم وترقيق وإمالة ومد وهمز وتليين لأن العرب مختلفة اللغات فيسر عليهم ليقرأ كل بموافقة لغته‏.‏

- ‏(‏حم ق عن ابن عباس‏)‏

1347 - ‏(‏أقرب العمل‏)‏ من القرب وهو مطالعة الشيء حساً أو معنى ‏(‏إلى اللّه عز وجل‏)‏ أي إلى عظيم رحمته وجزيل ثوابه ‏(‏الجهاد في سبيل اللّه‏)‏ أي قتال العدو لإعلاء كلمة اللّه وقد يراد الأصغر أيضاً ‏(‏ولا يقاربه شيء‏)‏ لما فيه من الصبر على بذل الروح في رضى الرب‏:‏ وأي شيء يضاهي ذلك أو يقاربه‏؟‏

- ‏(‏تخ عن فضالة بن عبيد‏)‏ الأنصاري‏.‏

1348 - ‏(‏أقرب ما‏)‏ مبتدأ حذف خبره لسد الحال مسده ‏(‏يكون العبد من ربه وهو ساجد‏)‏ أي أقرب ما يكون من رحمة ربه حاصل في كونه ساجداً كذا قرره بعضهم‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ التركيب من الإسناد المجازي أسند القرب إلى الوقت وهو للعبد مبالغة والمفضل عليه محذوف تقديره أن للعبد حالتين في العبادة حالة كونه ساجداً وحالة كونه متلبساً بغير السجود فهو حالة سجوده أقرب إلى ربه من نفسه في غير تلك الحالة ‏(‏فأكثروا الدعاء‏)‏ أي في السجود لأنها حالة غاية التذلل وإذا عرف العبد نفسه بالذلة والإفتقار عرف أن ربه هو العلي الكبير المتكبر الجبار، فالسجود لذلك مظنة الإجابة، ومن ثم حث على الدعاء فيه بقوله فأكثروا إلخ‏.‏ وفي تعميم الدعاء وعدم تخصيصه بنوع ولا غيره رد على من منعه في المكتوبة بغير قرآن كطاوس، وجاء في رواية بدل قوله فأكثروا الدعاء واجتهدوا فيه في الدعاء فقمن ‏[‏ص 69‏]‏ أن يستجاب لكم، وقمن بفتح القاف والميم وقد تكسر معناه حقيق، والأمر بالإكثار من الدعاء في السجود ويشمل الحث على تكثير الطلب لكل حاجة كما جاء في خبر الترمذي‏:‏ ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله‏.‏

قال ابن عربي‏:‏ لما جعل اللّه الأرض لنا ذلولاً نمشي في مناكبها فهي تحت أقدامنا تطؤها بها وذلك غاية الذلة فأمرنا أن نضع عليها أشرف ما عندنا وهو الوجه وأن نمرغه عليها جبراً لانكسارها بوضع الذليل عليها الذي هو العبد فاجتمع بالسجود وجه العبد ووجه الأرض فانجبر كسرها وقد قال اللّه تعالى ‏"‏أنا عند المنكسرة قلوبهم‏"‏ فلذلك كان العبد في تلك الحالة أقرب إلى اللّه تعالى من سائر أحوال الصلاة لأنه سعى في حق الغير لا في حق نفسه وهو جبر انكسار الأرض من ذلتها‏.‏

- ‏(‏م د ن عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

1349 - ‏(‏أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر‏)‏ قال الطيبي‏:‏ يحتمل أن يكون قوله في جوف الليل حالاً من الرب أي قائلاً في جوف الليل من يدعوني فأستجب له سدت مسد الخير، أو من العبد، أي قائماً في جوف الليل داعياً مستغفراً على نحو قولك ضربي زيداً قائماً، ويحتمل أن يكون خبراً لأقرب، وقوله الآخر‏:‏ صفة لجوف على أن ينصف الليل ويجعل لكل نصف جوف والقرب يحصل في جوف النصف الثاني، فابتداؤه يكون من الثلث الأخير أهـ وقال هنا أقرب ما يكون الرب من العبد، وفيما قبله أقرب ما يكون العبد من ربه‏:‏ لأن قرب رحمة اللّه من المحسنين سابق على إحسانهم فإذا سجدوا قربوا من ربهم بإحسانهم ‏(‏فإن استطعت أن تكون ممن يذكر اللّه‏)‏ ينخرط في زمرة الذاكرين للّه ويكون له مساهمة معهم ‏(‏في تلك الساعة فكن‏)‏ وهذا أبلغ مما لو قيل إن استطعت أن تكون ذاكراً فكن إذ الأولى فيها صيغة عموم شاملة للأنبياء والأولياء فيكون داخلاً فيهم‏.‏